رحلة البحث عن بديل !!!

الاثنين، ٢١ ديسمبر ٢٠٠٩

لم يكن !!!

لم يكن يوماً عادياً بالتأكيد ، فلقد بدت لحظاته متسارعة كأنها تحمل فوق طائر عنقاء يسابق في تحليقه الزمان أو كقذيفة مدفع أطلقها أحدهم ليستبق عدوه قبل الأوان ، أو كصاروخ وصل الفضاء ولم يمر علي إطلاقه بعض من اللحظات والثوان ، فمنذ اللحظة التي أستطعت فيها أنا أغالب نعسي لأقوم للصلاة بعد يوم او قل أسبوع أمتعني قبل أن يرهقني بتعدد سفراته ، وعلي الرغم من علمي بأن هذا اليوم سيسابق الريح في حركته ويباري الوقت في مروره ويكسر اللحظات في عناده قمت متكاسلاً تحملني قدماي بالكاد لأتوضاء حتى ألتحق بالصلاة
أخذتني حكايات متعجلة مع الأقرباء ، كنت وعلي الرغم من أنني أسرد الآف الكلمات إلا أنني لم أستطع أن ألاحقه ، حتى هذه الجمعة القصيرة التي لم احمل أي ذكري من كلماتها في أذني لم تشفع لي عنده ، فقد أعلن في هذا اليوم أنه سينتصر علي بلا هوادة
تابعت ساعاتي في كل لحظة علها تتوقف عن الدوران ، إلا أن عقاربها بدت وكأنه مصابة بصرع أقرب إلي الهذيان ، حتى ساعات نومي التي خفضتها مستعيضاً عن ذلك بنومي بالطائرة التي ستقلني خلف البحار والجبال لم تشفع لي عندها فظلت عقاربها تهرول كجواد في حلبة سباق تخشي ان يسبقها أحد ولو كان صاحبها الذي يحملها معه في كل مكان
حاولت جاهدا جمع حقائبي متسارعا يحدوني أمل كبيرإلي لقياها أوالاستمتاع ببعض من اللحظات قبل أن يضيع مني الوقت وتفوت مني هذه الهوينات
نظرت من خلف زجاج السيارة التي تقلني متابعاً هذا الطائر المحلق في السماء يلاعب رفيقته ويحدثها كأنه انسان وكأني اسمع كلماته الرقيقة وضحكات رفيقته التي كالعادة ظلت تطلق اشارات الخجل مستمتعة بالكلمات ، وكأني أشعر بقلبها المتهدج الذي يستحثة أن يطربها بالمزيد والعديد من هذه المرادفات فتابعتهما متبسماً يشدني شوق كبير إلي اللقاء ، فوددت لو ضربت علي يدي سائق سيارتي لعله ينهب الأرض أسرع مما تنهبة الخيول عندما تتباري في الميدان
داعبتني قائلة توقف عن النظر في الساعة فلقد أتعبتك وارهقتني فحاول أن تستمتع بهذه اللحظات ، فضحكت مبدياً عجزي فقد كنت من داخلي أصارع اللحظات يشدني لهف عجيب إلي امتصاص بعض من النظرات لأحفرها في ذاكرتي حتى لا تمحوها الأيام ولا تعاقب الليل والنهار
عيناها الخضراون بدتا كنبع ماء صاف استظل ببعض من الشجيرات الخضراء ، يداها التي لا مستها اشعرتني أنني كقطعة من عجين خبر لامست لتوها صفيح فرن ملتهب ألقي من برهة من يد الخباز ، فأنتفضت كما ينتفض الخبز ويعلوا كعاشق لهذه النيران ، حتى ضحكتها التي بدت كقمر غائب ظهر لتوه لتائه في الصحراء ، فأرشدة إلي الطريق فتمني لو صعد ليعانقه ويقبله كمعشوق ونسي من شدة سعادته أن المعشوق لا بد أن يكون انسان
شفتاها الحمراون التي تألقتاً كفراولة لم تلامسها يد مزارع تنتظر عاشقاً يملوءه دهر من الحرمان ، جبينها الذي اتسع وبدأ كلبن مسكوب تفنن في حفظه اللبان ، خدودها المتوردة التي بدت كزهرة لفرط جمالها أخذت بعقل بائع الازهار ، تنهيدتها الحارة بدت كعطر ملأت رائحته المكان

تمنيت لو توقفت الطائرات عن الاقلاع ، تمنيت أن يتغير الطقس ويعلن المذياع أنه يوم يمنع فيه الطيران ، تمنيت أني يخرب محرك الطائرة لتعلن عن تأجيل موعد المغادرة وأن الأمر يحتاج مزيداً من الايام للإصلاح ، شعرت لأول مرة أنني أكره التحليق والطيران ، تمنيت كل شئ إلا أن تتحرك الطائرة في موعدها أو تنتهي هذه الهمسات
سري النداء في المطار معلناً للمرة تلو المرة قرب موعد الرحلة وأنا أحاول أن أطلق ملايين الكلمات ، حتى أستطيع عن اعبر عما في الوجدان من حب وأشواق
في كل مرة أدعي أنني أنتظر النداء الأخير وأكاد اصرخ من داخلي للعقارب الساعة أن توقفي عن الدوران ، وأتذرع بمليون حجة حتى أتأخر عن الموعد وأملأ نفسي من فتنة هذا الجمال ، الذي بدأ كجوهرة متألقة في متحف هجر زائروه كل القطع ليقفوا عند جمال هذه القطعة الفتان
انطلق النداء الأخير كطلقة رصاص لامست لتوها صدراً لم يشعر من قبل بالآهات
أخذت أمتعتي متاثقلاً يشدني أمل إلي العودة فلقد شعرت قبل السفر أنني محروم وأنني معذب وأنني في طريقي إلي أن أصبح عاشقاً ولهان
تحركت رويدا رويدا تدفعني أرجلي معاندة للرحيل فلقد أتعبها هذا الشوق وتصور ما بعده من أشهر وأيام ، فحاولت جاهداً أن اشبع ناظري ببعض من التأمل حتى لا يضيع خيالي ويغالبه النسيان ، داعبت أنفي قليلاً حتى تعبق من ريحها قبل يبتعد عبيرها عن الوجدان ، أرهفت اذني قليلاً حتى يحفر رنين صوتها بفؤاد لطالما أشتاق لعذوبة فاقت طعم الأنهار
توقف لساني عن التعبير ولم يبق إلا أن أخبرها قائلاً
أحبك
أمين محمد أمين
09/12/2009

1 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]



<< الصفحة الرئيسية