رحلة البحث عن بديل !!!

الأربعاء، ١٥ فبراير ٢٠١٢

مآلات ما حدث في بورسعيد


لن تتوقف الثورة عن إحداث هذا التمايز المذهل داخل المجتمع المصري ، فقد كانت 25 يناير فقط هي إعلانية الافتتاح ، و28 هو يوم إعلان الغضب ثم توالت الاحداث تتراً بدءاً من مواجهات الداخلية نهاية يونيو إلي ماسبيرو ثم محمد محمود ثم مجلس الوزراء ، ودفعت هذا الاحداث وخلالها وبعدها إلي إحداث التراكم الثوري المطلوب في مواجهة إشتداد الخناق علي الثورة الذي كان يقوده المجلس العسكري وأتباعه من نظام مبارك .
بدأ المجلس العسكري دخولة علي خط الأحداث منذ استدعاه مبارك بعد إنهيار الشرطة في يوم 28 يناير ، وفي صورة غير واضحة أخذ المجلس يتحاشي الصدام مع هذا الغضب الهائل الذي أدرك الجميع أنه لن تستطيع أي قوة عسكرية إيقافة ، وبدا غير واضح سلوك المجلس اتجاه الثورة والثوار إلا أنه علي الوجه الآخر فقد كانت هناك مناورات عديدة لتفادي حالة الصدام وإنشاء حالة سائلة من الاستجابات الشكلية كلما أشتدت الأمور أو أدرك المجلس أن الأحداث يمكن أن تتطور ، كانت كافية لصنع حالة خداع كبيرة وتسمح للمجلس بالتقدم بدأت مع الاستفتاء ولم تنتهي حتى الآن .
بدأ الثوار يخرجون من حالة اللاوعي والفرحة الكبيرة بسقوط مبارك لإدراك ما يحدث علي الأرض من تجريف لأهداف الثورة ، وتدرجت مستويات الوعي والإفاقة ، بين فريق يصل إلي حالد التأكيد الكاملة علي تواطئ المجلس ضد الثورة وأهدافها وفريق يري أن هناك أخطأ لا أكثر لكون المجلس غير مؤهل سياسياً ولتعقد مشاكل الوطن ، إلا أن أحداث بورسعيد وما سابقها جائت لتحسم القرار .
لم يكن هذا فقط هو جوهر ما تم اكتشافة في الأحداث المتعاقبة ، فقد بدأت تبدو ملامح إنقسام حقيقي لصالح الثورة بين المؤمنين بها والمؤمنين بإجراء تغيرات جذرية في الواقع المصري وبين قطاع مؤمن بإصلاحات تدريجية طويلة المدي ، وقطاع آخر مؤمن حتى الآن بحجم الإصلاحات الشكلية التي تتم  وعلي الجانب الآخر ظل معادوا الثورة من الاطراف المتبقية يستخدمون ذلك في تثبيط الجميع للخروج من الحالة الثورية .
كانت أحداث محمد محمود أحد العلامات الفارقة في كشف توجهات المجلس العسكري وعلي الطرف المقابل قابلها المجلس بإستخدام جنود الجيش لأول مرة في عمليات القمع ، بعد أن كان يقدم الشرطة تارة والتيارات الدينية تارة والفوضي الأمنية أخرى. ثم تتابعت الأحداث لتزيد التأكيد وتضم قطاعات جديدة للثوار في ما تلاها من احداث و تزيد حالة الشك في الرأي العام نحو المجلس ، حتى وإن حافظ البعض علي مساره نحو المجلس.
أحداث بورسعيد والمسمار الأخير
جاءت أحداث القتل الممنهج والمدبر بصورة كاملة في بورسعيد لتدق المسمار الاخير في نعش محاولات المجلس لضرب الثورة  في الخفاء ، وخرجت صورة المجلس واضحة مكتملة حتى وان حاولت التيارات الدينية بقيادة الأخوان نقل المسئولية وتصوير الأمر علي أنه مدبر من النظام السابق إلا أن القناعة التي ترسخت عند الكثير أن المجلس يقود وبمنهجية واضحة طريقاً لتفخيخ الثورة .
وضم المجلس العسكري إلي الثورة أطيافاً جديدة من المجتمع الذي يحاول جاهداً الخروج من بوابة الاحباط الذي تم تمريره لمدة عام كامل ، واستطاعت أحداث بورسعيد أن تحسم لدي قطاع كامل كالشباب توجهات المجلس بإستثناء محاولات محدودة من اللجان الالكترونية التابعة للنظام القديم مضافاً إليها بقايا التيارات الدينية التي وإن أبدت محاولات يائسة للحفاظ علي المسار الذي تتحدث عنه قياداتها إلا أنها متأكدة أو مشككة علي أقل تقدير في سلامة نية المجلس .
خلق المجلس بتصرفاته من البداية للنهاية نواة ثورية متماسكة تقف أمام كل محاولاته واستطاع عن طريق عملياته الإجرامية في قتل الشباب  وإعتقالهم وآخرها بالاستاد ، في إحياء الحالة الثورية الكامنة التي  كان يخطط لإخمادها وخرجت الحالة المجتمعية من انقسام زائف في الاستفتاء إلي انقسام ثوري حقيقي يصنع تمايزاً حقيقياً تظهر تجلياته في الصراعات الكبيرة الحادثة داخل المجتمع والتي تزيد لتحدث استقطابا ثورياً حقيقياً ستعود فوائدة علي الحالة الثورية في الأيام القادمة ، في تكوين قناعة بعملية التغيير الجذري الحقيقي ، لتتحقق أهداف ثورة يناير ببناء دولة مدنية وعصرية حرة وعادلة ، لا كما خطط لها المجلس وأتباعه مهرجاناً إعلامياً وأحاديث فقاعية  يعاد فيها انتاج النظام القديم .
لذلك اعتقد أن أحداث بورسعيد سوف تترك علامة واضحة علي الرغم من قسوتها في تاريخ نجاح الثورة وحسم توجهات المجتمع نحوها.
أمين محمد أمين
13-02-2012

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]



<< الصفحة الرئيسية