رحلة البحث عن بديل !!!

السبت، ٢٤ مارس ٢٠١٢

السقوط الأخلاقي


تشتهر السياسة عند الكثير من الناس بأنها بلا أخلاق ، وأن عملية الانتصار والمكسب فيها تعتمد علي القدرة علي تجاوز السلوك القويم إلي غيره  من الالاعيب اللاخلاقية لتحقيق الهدف ، ويعتقد الكثير من الناس أن الكثير من السياسين فاسدين وعلي أقل تقدير كاذبين ، بينما يعلن المتدينون أنهم يدخلون السياسة لتطهيرها من الاوساخ وتحويلها إلي سياسة أخلاقية ، فهل السياسة فعلاً لا أخلاقية كلها ، أم هي تبني علي الأخلاق ؟ وهل يستطيع البعض البقاء مع السقوط الأخلاقي ؟ وهل تؤثر السياسة والأخلاق علي بعضهما ؟
بداية يجب الاعتراف بأن السياسة تقوم علي الصراع ، او المدافعة وكأي حالة إنسانية ترتبط بالإنسان من حيث الخير والشر والصلاح والفساد ، فكما لا يوجد صراع أخلاقي خالص كذلك قلما تجد صراعاً لا يحتوي في بعض جوانبه علي الأخلاق أو التعريض بيها أو ادعائها لما تمنحه من شرعية ورضا نوعي عن الذات ، حتى في أقصي الملحميات السياسية وهي الحروب ، دائماً ما يبحث مدبرها عن هدف أخلاقي أو يدعيه ، كفكرة بوش عن نشر الحرية عندما أعلن حربه علي العراق .
ترتبط فكرة الأخلاقية بالشرعية ، والشرعية هي خلع الصفة القانونية علي شئ ما ، لذلك قلما يقوم نظام سياسي ويستمر بصورة مستقرة بدون شرعية ، والشرعية في النهاية عمل أخلاقي تكون له قدرة علي التزام الناس به .
لذلك فالشرعية تعتبر عملية أخلاقية بالأساس تقوم علي مبادئ كحقوق الانسان ، واحترام حق الآخر في الحياة او في المعتقد أو في العبادة ، او نبذ كل ما يتعلق بحق الانسان ، لذلك فكل ما يتعلق بالأخلاق يؤثر في شرعية وبقاء أي نظام سياسي ويمنحه إما الاستقرار أو الاضطراب الدائم الذي يصل في بعض الأحيان إلي جعل نهايته حتمية.
المشهد المصري والسقوط الأخلاقي
بعد بدء ثورة يناير وما حدث فيها من قتل ودهس بالسيارات وتعذيب وكان مبارك وما يمثله من سلطة حاكمة في اختبار سقوط حتمي ، نتيجة تهاوي الاساس الأخلاقي للبقاء  ، ثم أنطلقت كل القوي السياسية للحديث عن محاكمات مدنية عادلة لبناء دولة علي أسس أخلاقية وبشرعية جديدة تمنح الاستقرار والنماء
ولم تلبث الأمور بضعة أشهر حتى وضعت هذه العملية تحت الاختبار ، في أحداث الداخلية وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء .... وانطلقت التيارات الدينية ومعها بعض من التيارات السياسية في مسار مخالف بالاتجاه نحو العملية الانتخابية والإجرائية متجاهلة فكرة الأساس الاخلاقي و الشرعية السياسية  لصالح الشرعية الانتخابية والتصويتية  وتجاهل الجميع أن فكرة السقوط الأخلاقي أمام المجتمع أكبر بكثير وأشد تأثيراً في إقامة نظام سياسي  من اجراء انتخابات أو الخوض في عمليات إجرائية مهما بلغ حجم الاغراءات الممنوحة فيها بوضع سياسي أفضل أو بنزاهة انتخابية  ، فلا تبني الإجراءات لوحدها الشرعية بدون الأساس الأخلاقي الذي تقوم عليه العملية .
النتيجة والوضع الحقيقي علي الأرض
أتجه المسار السياسي بالإجمال إلي تدهورات كبيرة تنذر حتى الآن بعواقب وخيمة نتيجة غياب الاساس الاخلاقي للعملية السياسية برمتها ، فتم اعتقال ما لا يقل عن 12 ألف مواطن مصري وتحويلهم إلي المحاكم العسكرية ، وما زالت أعداد قضايا البراءة للضباط القتلة للمتظاهرين في ازدياد ، وكذلك تهريب الامريكيين في قضية ملفقة بالأساس علي مرأي ومسمع من الجميع في ابراز واضح لغياب كامل للقضاء ، وتلتها احداث بورسعيد وقتل ما لا يقل عن سبعين شاباً بدم بارد وبوسائل قمة في البدائية والانحطاط  ، ووصلت الامور لمستوي اعلي في الازمات المعيشية من البنزين والبوتوجاز ، بصورة أعلي وأخطر مما كانت عليه في عصر مبارك
كل هذا في اطار مجلس شعب منتخب وفي أوج الاستعداد لأنتخابات رئاسية
الخلاصة
مع كل الثقافة السائدة حول السياسة وأخلاقيتها إلا انه لا يمكن اقامة نظام سياسي مستقر إلا من خلال ممارسات شرعية ترتبط بمبادئ اخلاقية واضحة لأي مجتمع ، لا يمكن تخطيها لأي استحقاقات اخرى والتي تتحول تلقائياً في حالة حدوثها إلي عمليات شكلية خالصة لا تساهم فقط في وقف عملية بناء أو تطور ، لا الاخطر انها تقود لفوضي كبيرة نتيجة ترسيخها لفكرة الانفلات الاخلاقي والخروج عن الشرعية ، وتحويل كل العلاقات داخل المجتمع إلي علاقات قوة
أمين محمد أمين
24-03-2012

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]



<< الصفحة الرئيسية